كان مثل الكثيرين يحلم بشىء، لكن الرياح لا تأتى بما تشتهى السفن دائماً، فقد تمنى مصطفى أن يدرس فى كلية الفنون الجميلة إلا أن مجموعه فى الثانوية العامة وقف حائلا لتحقيق هذا الحلم فقام بدراسة التجارة بجامعة عين شمس.
يحكى مصطفى مراد قصته، يقول: «بدأ حبى لتصميم الجرافيكس مصادفة حيث كنت أهوى تجريب الألوان، والصور، ووضع الفلاتر المختلفة عليها، ومن خلال تعرفى على برنامج Front page والذى يتيح تصميم المواقع على الإنترنت كانت محاولتى الأولى فى تصميم موقع على الإنترنت، يحتوى على قائمة بالأفلام الأجنبية التى أفضلها، ومن خلال عملى فى إحدى شركات تصميم المواقع زاد اهتمامى وحبى لتصميم المواقع الإلكترونية لدرجة أننى أهملت وقتذاك دراستى للمحاسبة وبدأت فى تعلم لغات الويب وطرق التصميم السليمة وبعد مرور عام ونصف تقريبا أصبحت من أفضل كاتبى لغة الـHTML فى الشركة».
والغريب فى قصة مصطفى مع فن الجرافيكس والويب هو أن يكون صاحب هذه الموهبة الفنية الجميلة والتى تعتمد بشكل كبير على الألوان مصابا أصلا بعمى الألوان وهو يتحدث عن هذا قائلا: اكتشفت هذا الأمر صدفة، حيث كنت أجلس ذات مرة مع صديق يعلمنى «جافا سكربت»، وعندما قال لى أن البرنامج يلون الكود الخاص بالجافا باللون النبيتى كنت أراه أمامى باللون الأسود، فى البداية لم يصدقنى وتصور أننى أمزح، وقد كنت أظنه كذلك أيضا.
بعد مرور سنوات وبالتحديد عام 2006 كنت أعمل بشركة أمريكية، وكنت انتهيت من تصميم، وقمت بإرساله إلى رئيسى لأخذ رأيه، فإذا به يقول لى «أنا مش هقدر أعلق على التصميم علشان أنت يا مصطفى مستخدم درجات أحمر وأخضر كتير وأنا عندى عمى ألوان فى الأخضر والأحمر»، الموضوع كان مضحكا وتخيلته يمزح، ولكنه أكد لى أنه يرى الأحمر بدرجاته والأخضر بدرجاته بشكل غير الناس.
اندهشت جدا وسألته كيف عرف هذا، فأرسل لى موقع به اختبار عمى ألوان وكانت مفاجأة كبيرة لأكتشف أنى مصاب بعمى الألوان أيضا، وعندها صدمت। بدأت أقرأ كثيرا عن الموضوع لأعرف أن عمى الألوان ليس مصيبة، لأن نحن (بتوع عمى الألوان) نرى الأخضر والأحمر، ولكن بانحراف بسيط عما يراه الآخرون، وعن مدى نجاح تصميم الجرافيكس والمواقع الإلكترونية فى مصر تحدث قائلا: المشكلة فى مصر ليست فى التصميم ولكن فى العميل نفسه، فالعميل المصرى عندما يدفع فلوس لا يريد فى المقابل تصميما بسيطا يحتوى على مساحات فارغة، على عكس العميل الغربى الذى يفضل الديزاين البسيط وسهولة الوصول للمعلومة، هذا الى جانب التدخل المبالغ فيه من العميل المصرى فى التصميم.
وأعتقد أن هذه المشكلة ستزول فى المستقبل عندما يصبح شباب اليوم هم عملاء الغد، فهم مستخدمون جيدون للإنترنت، ويحكى لنا مصطفى عن تدريس أحد تصميماته فى جامعة جنوب أستراليا فيقول: اتصلت بى الدكتورة «دينييس وود» من جامعة جنوب أستراليا للسماح لها بوضع أحد تصميماتى فى المنهج الذى تُدرسه فى إحدى مواد تكنولوجيا التصميم الديجيتال، وسعدت جدا لهذا وسألتها عن ما أعجبها فى تصميماتى، وكان ردها لبساطة التصميم الشديدة مع التركيز الشديد على احتياجات المتلقى أو المستخدم دون وضع ما يعوقة لمعرفة المعلومة التى يريدها.
وأخيرا يفصح لنا مصطفى مراد عن أحلامه قائلا: حلمى الحقيقى أن أرى المزيد من المواقع الخدمية المصرية التى تفيد المستخدم وبالأخص كبار السن فى إنجاز كل احتياجاتهم بسهولة ويسر مع تصميمات جميلة وبسيطة بلا تعقيد.
كان موضوع العدد الأسبوعى السلبق وممكن تقروا الموضوع على موقع جريدة اليوم السابع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق